12 أكتوبر، 2011

أنا وبائعة السعادة الزوجية !



قبل عام تقريباً, كنت أهم بالخروج من الصالون حين استوقفتني امرأة مبرقعة وأخرجت لي بضاعة وهي تحاول قدر الإمكان أن تطلعني عليها بعيداً عن الأعين, أخذت تستعرض أمامي قطعاً أذكر أني قرأت أو ربما سمعت عنها ولم أرها على الطبيعة من قبل, بدأت تفرد أمامي ملابس داخلية غريبة وملونة, منها ما يضيء في الظلام بعبارات عاطفية ومنها ما ينطق بقبلات وكلمات حميمية.. وهناك أيضاً مجموعات بنكهات متنوعة, كل زبونة وذوقها..!!

بدأت صاحبتنا تشرح لي عن بعض الألعاب الزوجية ومدى تأثير عطوراتها وصوابينها وشموعها على الرجل وأنا فاغرة وغير مستوعبة, أو ربما مستوعبة ومتفاجئة, في كل الحالات كنت قد قررت اغتنام هذه الفرصة للتعرف عن كثب على ما أصبح الآن هو محور الأحاديث السرية للسيدات.
كانت أثناء شرحها لطبيعة الأدوات وكيفية التعامل معها, تردد "زوجك" و"زوجك" برغم أنها لم تسألني إن كنت متزوجة, وكان من الواضح أني فتاة عازبة.. إن لم يكن من شكلي, فمن احمرار وجهي وذهولي الشديد!

بعد أن أطلعتني على محتويات البضاعة كاملة غادرت بصمت دون أي تعليق, كنت غارقة بالتفكير في مدى انتشار هذه الثقافة المتزامن بشكل غريب مع تزايد حالات الطلاق والخلافات الزوجية وأنا منغمسة في حيرتي.

عندما كنت على وشك الارتباط قبل أكثر من عام, نصحتني إحداهن بأن أتصفح المنتديات التي تقدم الثقافة الزوجية مؤكدة بأنها تحتوي كثير من الأفكار الفعالة التي استفادت هي منها شخصياً, والطريف أن صديقتي الخبيرة تلك كانت مطلقة بعد شهرين من الزواج, ولم تتطرق لتجربتها الشخصية عندما نصحتني, فقد كانت دون أن تشعر, تمارس معي ذات الدور الذي لعبه أحدهم معها حين كانت مثلي.

وللأمانة استجبت لنصيحتها و رحت أبحث في هذه المنتديات وأتصفحها من باب الفضول لا من باب الإيمان بتهاويل صديقتي المضحكة, فقد كان يبدو لي أن أغلب من يقدم تلك الدروس والدرر العظيمة والجريئة والفاضحة في العلاقة الزوجية, ليسوا سوى مراهقين مدفوعين بفراغهم وطيشهم ورغباتهم المنفلتة.
كم من حالات الطلاق يا ترى تسببت فيها مثل هذه المواقع التي تزعم أنها تقدم وصفات سحرية في فنون التوعية الزوجية, وكم من فتاة تورطت بتطبيق حركة جريئة ومتهورة لم ترُق لزوجها كما راقت لزوج صاحبة الموضوع الفلاني في المنتدى إياه, وكم من امرأة قلدت أخرى وقال زوجها في نفسه : يا شين السرج على الـ ....!!

ناهيك عن أن هؤلاء يقترحون أساليب وأوضاع مرفوضة وتستنكرها الذات الإنسانية السوية, ليس في حقيقتها وطبيعتها وإنما بالقوالب العشوائية التي تقدم بها, فهم حين ينصحون الفتاة بأن تفاجئ زوجها بالرقص بطريقة معينة مثلاً.. لا يحددون لها في أي وقت وتحت أي ظرف تفعل ذلك, هل في ليلة الدخلة أو بشهر العسل أو في الليل أو بعد عودة السيد من الدوام!

أتمنى من كل المقبلين والمقبلات على الزواج أن يتبعوا نصيحتي: الله سبحانه وتعالى وهبنا نعمة العقل لنفكر ونميز ما يناسبنا, فتجارب غيرنا مختلفة عن تجاربنا وشخصياتنا كذلك مختلفة, والزواج هو الشيء الوحيد الذي لا يجب أن نأخذ فيه رأي أو مشورة إلا من عقولنا وقلوبنا فقط, لا النصائح ولا الألعاب ستنفعنا بدون استخدام الذكاء, فهو سر السعادة الزوجية الحقيقي!

وأهمس في أذن كل أنثى قبل أن تعبث برأسها بائعة الألعاب الزوجية وأعضاء المنتديات "الإباحية" :

لا تعتمدي أبداً على النصائح والمقترحات التي يقدمها لك الآخرين, لا أقول تجاهليها تماماً.. ضعيها في الاعتبار ولكن لا تطبقيها على عمى, فكل رجل يختلف فيما يحب عن الآخر, لا تسمحي لكائن من كان أن يدّعي بأنه أعرف منك بطريق سعادتك.. ثقي بنفسك.. كوني عفوية واتبعي ما تمليه عليك فطرتك وتلمسي ميول الشريك وتعاملي معها, بصرف النظر عن تجارب الآخرين.. فأنتِ مختلفة ومميزة.. وعليكِ الإيمان بذلك لتنجحي وتحققي السعادة الزوجية, والتوفيق أولاً وأخيراً من الله سبحانه وتعالى .. متى ما حصلت على رضى الله .. تحصلين على رضى زوجك والآخرين .. (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)